الفقيه سليمان بن يسار
ومن المواقف والقصص التي وردتنا عن المؤمنين وعن خوفهم من الوقوع في الفاحشة؛ أن الفقيه سليمان بن يسار كان في إحدى أسفاره وكان من أجمل الناس وجهاً.. وأثناء جلوسه في خيمته وقد بُصرت به امرأة أعرابية؛ فانحدرت نحوه إلى الخيمة التي هو فيها بعدما ذهب رفيقه ليبيع ويبتاع في السوق..
فقالت له المرأة:
_ أهنئني وأسعدني! _وقد كشفت عن وجهها وكان كأنه القمر_
فظنَّ الفقيه سليمان أنها تُريد طعاماً.. فقام يأتي لها به، فقالت له المرأة:
_هذا ليس الذي أريد.. وإنما أريد ما يكون من الرجل للمرأة !
ومن تقوى الرجل وورعه، ومعرفته بأن الأمر في هذه الدنيا إنما هو أمر اختبار وابتلاء من الله للبشر؛ أنه ردَّ عليها قائلاً:
_إن الذي جهزهك وأرسلك إليَّ إنما هو إبليس!
فجعل إرادتها ورغبتها جانباً.. ثم تخطاها ونسب الأمر إلى المُزين والمُضل الأكبر.. المُضل الأكبر الذي أضل كثيراً من الناس وأوقعهم في الفاحشة.. فنسب الأمر إلى إبليس لعنه الله وجعله هو خصمه في هذا الموقف.
الفقيه سليمان فطن إلى ابتلاء الله له؛ فأخذ في البكاء من خوف المعصية:
ومن شدة خشية هذا الرجل ومعرفته بأن الله معه دائماً؛ أنه بعدما أجاب على المرأة بأن الذي جهزها وأرسلها إنما هو إبليس؛ جعل رأسه بين رجليه وبدأ البكاء والنحيب.. فأخذ يبكي حتى انتفخت عيناه وانقطع حلقه.