حاول الملحدون نفي فكرة “الخالق” عن العالم؛ إلا أنهم قد أظهروها بدلاً من نفيها
وقد حاول الملحدون بشتى الطرق جميعها أن يفلتوا من نسبة الخلق والحياة إلى خالق وموجِد؛ إلا أنه قد بائت جميع محاولتهم بالفشل.. بائت بالفشل وصبت فيما حاولوا الإفلات منه.. وكأن الكون وسُننها يأبى إلا أن يفرض سيطرته وقوله بأن هناك خالق له.. بأن هناك خالق وكل السبل تؤدي إليه.
الملحدون لا يعرفون مادتهم حتى الآن؛ لأن دينهم هو دين التائهين
زعم الملحدون الماديون أن الذي وراءَ الكون والحياة والخلق؛ هي المادة.. المادة التي ليس لها تعريف محدد حتى الآن!! ليس لها تعريف حتى الآن.. تصور! ليس للمادة تعريف.. ولا أحد يعرف ما هي تلك المادة حتى الآن!!
فهل هي الذرات وليست الجزيئات؟ أم أنها الالكترونات التي في الذرة وليست الذرة نفسها؟ أم هي ذرات وأجزاء عنصر مُحدد دون بقية العناصر؟ فهل هي ذرات وأجزاء عنصر الهليوم مثلاً وليست أجزاء اليورنيوم أو الهيدروجين أو الذهب والنحاس؟ أم أن كل واحد مما سبق هو مادة في ذاته؟
فإذا كان كل واحد مما سبق “مادة خالقة” في ذاته؛ فإنه لازم ولا بد أن يتفرد ويختلف كل منهم عن الآخر لا أن يتناسقوا ويتحدوا في العمل.. لا يتحدوا في العمل ويتناسقوا؛ وإلا لذهبت عنهم صفة “الخالق” ولـ لازمتهم صفة المخلوق المغلوب على أمره.. ولصارت المادة التي يعبدها الماديون هي “التوهان والمجهول” بكل ما في الكلمة من معنى؛ وإلا لوجبت أن تُعرّف عن نفسها وعن أفعالها تلك المادة “التائهة”.. أقصد المعبودة من قبل الملاحدة الماديين.
أم إن المادة هي كل ما سبق ولا يحق لأي أحد أن يعترض أو يُبدي أية تساءولات تُشكك؛ لأنه ولا بد من الوقوف أمام أولئك المؤمنين.. المؤمنين الذين يقولون بخالق مريد يعلم ما أراد.
دين الملحدين ؛ هو العناد وتصلب الأعناق
وهكذا هم الملاحدة الماديون ! دينهم هو دين التائهين! وقعوا _من حيث لا يعلمون_ في ما يحاولون الهروب منه.. ابتدعوا شيئاً اسمه “مادة”؛ ومن ثم جعلوها هي الخالق المُصَرّف في الكون.. ابتدعوا المادة وجعلوها عاقلة تعرف إلى أي شيء سوف تصير وتكون.. وأنها قد حان الآوان عليها لتُخرج من تحت يديها منظومة جديدة كمنظومة السموات ومخلوق جديد كتلك الدوآب.. وأن تلك المادة عارفة عالمة متى تبقى ومتى تتغير.
دين التائهين كان موجوداً قديماً ولم يبتدعه ملاحدة العصر
فها هم الملأ من قريش! يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم بأن القرآن والكلام الذي يقوله؛ ما هو إلا كذب وافتراء.. كذب وافتراء قد افتراه مع قوم آخرين لا نعلمهم قد ساعدوه.. ساعدوه ويا لجرأتهم وعظيم كيدهم! فقد تفنن هؤلاء في تزوير ذاك القرآن وتأليفه حتى كادوا أن يضلونا عما نعتقده ونؤمن به..
“وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاءوا ظلماً وزوراً”
ولكن السؤال الذي يلوح بكل قوة _كالعاة_!
⇐ من يا تُرى هؤلاء “القوم الآخرون” يا أيها الملأ من قريش! والذين تزعمون أنهم ساعدوا النبي في تأليفه القرآن؟ فأين يعيشون مثلاً؟ هل هم في بلاد العرب التي جاء القرآن بلسانها؟ أم أنهم يعيشون في مكان بعيد يصعب الوصول إليه.. بل لا يمكن الوصول إليه ولكنهم موجودون هناك؟
⇐ ولماذا هؤلاء “القوم الآخرون” تكلموا بكل عظمة وعزة وعلم ومعرفة وإذهال للعقول؛ ثم حجبوا أنفسهم وقوقعوها بعيداً جداً، ولم يذكروا إلا شيئاً واحداً يسمى بـ “الله الخالق المريد العالِـم” ونسبوا إليه كل شيء ونسوا أنفسهم؟
وهكذا كان الملأ من قريش! وهكذا يكون الملحدون الماديون..وهكذا سيكون من بعدهم!
دينهم هو دين التائهين الذين يضلون بتفكيرهم وتفكير الناس معهم إلى اللا شيء وإلى المجهول وإلى اللاوعي..
” انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلاً “