الكِبْر هو سبب الظلم والإفساد
هل تعرف ما هو الكِبْر أيها الحبيب؟ طيب.. هل تعرف ذلك الشعور عندما تجد نفسك متضايق من غير سبب ولا شيء يُعجبك؟ وهل جلست مرة مع نفسك ورأيت أن الناس من حولك لا يعجبونك وتُضايقك أفعالهم؟ وهل تعصبت مرة على أحد من أهلك بغير حق وظلمته؟ طيب.. هل ذهبت مرة إلى المخدرات أو إلى الإباحية لكي ينجلي عنك ذلك الشعور الغريب الذي لا تعرفه؟! وهل نصحك أحد من قبل أيها الحبيب؛ ولكنك لم تستمع للنصيحة وجحدته واستهزأت منه؟ وهل يأتي على مخيلتك بأن فكرك هو الصحيح دائماً بالرغم من أنك لا تمتلك أدلة على صدق فكرك؟
⇐ أولم تعلم بعد أيها الحبيب أن ذاك الشعور هو الكِبْر.. وأن شعور الكِبْر هو السبب الرئيسي وراء الشعور بالضيق وعدم القدرة على تحمل؟! وهل تعرف أن حالتك سوف تتغير كلياً إذا عرفت ما هو الكِبْر وكيف تتعامل معه إذا جاءك؟
إذاَ.. تعال معنا لنعرف ما هو ذاك الكِبْر! وكيف أن الله أفرد له ذكراً في قرآنه.. وأن هذا الكبر قد أورد الناس المهالك ويوشك بأن يوردك أنت أيضاً!
الشعور بالكِبْر يأتي لكل واحد منا.. وهو الشعور الأكثر فتكاً من بين كل المشاعر.. لذلك قد أفرد الله له ذكراً وأمرنا أن نستعيذ به سبحانه حين قال _عز من قائل_ يُعرفنا أن الذين يطعنون ويرفضون آياته ويجادلون من غير علم ثم يكفرون بالله؛ إنما يفعلون ذلك بسبب الكِبْر الذي في صدورهم وليس تكذيباً للحق:
“إن الذين يُجادلون في آياتنا بغير سلطان أتاهم؛ إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه، فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير”
ويوم القيامة ترى الذين تكبروا في الدنيا لهم عاقبة غاية في السوء جزاء ما بدا منهم وما فعلوه وظلموا الناس به..
“… الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم فألقوا السَلَم ما كنا نعمل من سوء.. بلى إن الله عليم بما كنتم تعملون، فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين”
وأن أصل الفساد والظلمات على مرّ العصور؛ إنما هو من المتكبرين الذين لا يعرفوا كيف يبلغون كبرهم؛ فيتخبطون على أعتابه ولا يصلوا إليه أبداً.. وماداموا لن يصلوا إليه أبداً فهم سوف يُفسدون دائماً..
” سأصرف عن آياتيَ الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق.. وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها.. وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً.. ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين”
استعذ بالله من الكِبْر حتى لا تظلم نفسك أو تظلم غيرك!
والله قد عَلِم ما بنا وبما في نفوسنا وهو العليم؛ فتكرم وأمرنا أن تستعيذ به إذا ما حلَّ الكبر علينا أو أتنا شيء من الضيق أو الهم والغم..
”فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير”
ويا ليت الناس تبلغ ذلك الكِبْر.. ولكن كلا! بل هم يتخبطون على أعتاب الكِبْر ولا يصلون إليه أبداً.. لأنه لكي يبلغ أحدنا مرحلة الكِبْر؛ فإننا نحتاج إلى قدرات خارقة لتُساعدنا في بلوغ مرحلة الكِبْر.. ونحتاج أيضاً إلى أن نُضحي بالكثير! نُضحي بالأكل والشرب.. ونُضحي بالكلام والنوم.. ونُضحي بالشهوة.. ونُضحي حتى بالشيء الذي خرج الكبر منه؛ وهو تصلب الأعناق ضد الحق لرأي مُحدد.. وكل ذلك لأن المتكبر لا يمس كل تلك الأشياء.. ولذلك! أنا لا أعتقد أنه على حالتنا البشرية تلك؛ نحن قادرون على تحمل الكِبْر.
ومادام شعور الكِبْر هذا لا بد وأن يأتينا، وما دمنا لن نستطيع أن نبلغه؛ كان ولا بد لنا من الاستعاذة بالله من ذلك الكِبْر.. نستعيذ بالله من الكِبْر حتى لا نؤذي أنفسنا أو نؤذي من حولنا.
وأنت تعلم أيها الحبيب! أنك قد انتهكت الكثير من الحرمات والمحارم بسبب شعور الكِبْر الذي لا تعرفه.. وأنت تعلم أيضاً أنك قد تعصبت وآذيت نفسك وآذيت الناس من حولك بسبب شعور الضيق النابع في أكثر الأحيان من الكِبْر.. ولذلك قد أمرنا الله سبحانه أن نستعيذ به إذا ما حلَّ الكِبْر.