براهين الإيمان
ومما يستوقف النظر أن البراهين التي يتكلم بها المؤمنون والمؤكدة والمقررة في القرآن؛ هي أقوى البراهين إقناعاً وأكثرها دحضاً وأحراها أن تُبطل القول بقيام الكون على المادة العمياء دون غيرها، ونعني بها..
أولاً.. برهان ظهور الحيوة في المادة:
” يُخرج الحي من الميت..”
فالله الخالق المريد هو الذي له القدرة والعلم؛ لكي يُخرج من ذلك الشيء الميت ما هو حي يسعى ماشياً.. أو يقف منتصباً شامخاً أو يُحلق عالياً طائراً أو يسبح في الماء سارباً.
برهان تشابه المخلوقات في تراكيبها الداخلية:
“سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون”
فالله الخالق والذي له العلم الذي لا تحده حدود؛ يعرف كيف يبتدع كل مخلوق ويُكسبه صفات ما حوله مما يعيش عليه وفيه.. ويُعد جسده ويُهيئه بما فيه من أنظمة وأجهزة _جهاز تنفسي وهضمي وتناسلي_ لكي يعيش على الأرض فلا يكون على جسده ضرر ولا خطر إذا ما أخذ يتنفس هوائها ويأكل مما ينبت فيها.
وهو الذي جعل بعض أشكال وتراكيب الكائنات متشابهة حتى يكاد الواحد يعجز عن التفرقة بينهم؛ إلا أن أنفس تلك الأزواج والكائنات وما يصدر عنها مختلف تماماً بتاتاً فلا يجمع بينهما إلا صفة الخلق فقط..
“والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه”
وسبحانه كان قادراً على التفرقة بينهم؛ ولكنه خلقها هكذا ليدل على أن الخالق والصانع واحد وأنه لا يتلخبط عندما يخلق الكائنات…
“كذلك يُبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون”
وهو الذي جعل لكل مخلوق صورته وهيئته بعد أن مهد الوسط والبيئة المحيطة لكي يأتي ويكون.. وكل ذلك بحكمة بالغة وتقدير عجيب من خالق مريد يعلم ما أراد..
“هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً”
ثانياً.. برهان التناسل بين الأحياء لدوام بقاء الحياة
“جعل لكم من أنفسكم أزواجاً ومن الأنعام أزواجاً”
“وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج”
فالقرآن الكريم قد خاطب الأحياء بلغة الحياة.. وخاطب العقلاء بلغة العقل حين قرر برهان الحياة وبرهان النسل في إثبات وجود الخالق الكريم.
برهان الوحدانية أو التمانع
وهناك برهان يُسميه المتكلمون والباحثون في التوحيد ببرهان “التمانع”، وهو برهان وحدانية الله..
“لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا”
ولن يقوم على ثبوت الوحدانية برهان أقوى من هذا البرهان، والذي أبطل الله به جميع الإدعاءات القائلة بوجود آلهة آخرين.
