هناك حلّان لمن يعترض على فطرة الله وسنته
ولما كان الناس قد علموا واستيقنوا أن الحق هو فيما أنزله الله وقاله؛ ولكنهم لا يطيقون ذلك ويعترضون عليه ؛ كان أمامهم حلٌ من اثنين لحل معضلتهم تلك!
فأما الحل الأول!
⇐ فهو أن يجتمعوا جميعاً معاً (الذين يكفرون بما قاله الله).. ويتحدوا بأنهم ولا بد أن يضعوا حدًّ لذاك “الله” الذي يقف في طريق شهوتهم.. فقرر أعضاء الفريق المعترض بأنهم سيستخدمون قوتهم المخبأة وقدراتهم العظيمة، ويرجعون بالزمان إلى الوراء.. إلى الوراء كثيراً.. إلى الوراء حيث لا زمان ولا مكان بعد.. إلى الوراء حيث بداية خلق السموات والأرض.. إلى الوراء حيث سيُبدون اعتراضهم على الله وعلى فطرته التي خلق عليها الكون.. وأن على ذاك “الله” أن يُغيير تلك الفطرة إلى ما يهواه الناس من الأفعال العظيمة الجميلة التي ليست فيها دناءة ورذيلة.. وأنه عليه أن يتبع أهواءهم!
ثم إن أعضاء الفريق المعترض قالوا ولا بد بأن يتخذوا لهم زعيماً ينوب عنهم في الكلام أمام الله.. ينوب عنهم في الكلام الذي لم يُعرف بعد!
وحتى لا يتلعثموا ويتخبطوا في بعضهم من الرهبة والخوف من الله إذا ما أخذوا يُكلموه سبحانه؛ فإنهم قد رؤا أن كتابة الاعتراض أيسر عليهم وأفضل من الكلام.. ولكنهم لا يعرفون ماذا هم كاتبون! فالحروف والقلم لم يُعلِّم الله بهما بعد..
ثم رؤا أن الأفضل هو أن يتكلموا! لكن الكلام ليس بشيء بعد أيضاً.. ولكنهم أجمعوا أنه لابد من الكلام ولا يُعلم كيف ذلك!
ثم إن أعضاء الفريق المعترض قد أسنوا على الزعيم _الذي اتخذوه_، ومن حرصهم عليه؛ أنه إذا أخذ يتكلم مع الله؛ دسَّ وجهه في التراب الذي لم يُخلق بعد حتى لا يرى شيئاً فيُحرق من شدته.. وأنه عليه أن يسدَّ أذنيه جيداً جداً على الاطلاق حتى إذا ما قال الله لم يَذُب فزعاً من قوله تعالى.
وأما عن باقي الفريق الذي اجتمع للإعتراض فإنهم سيحتضنون كلهم جميعاً وبشدة حتى تكاد تختلط عظامهم.. ثم يغلقوا أعينهم حتى يكادوا يفقئوها، وينكسوا رؤسهم حتى لا يسمعوا ويروا شيئاً؛ لأنهم لن يستطيعوا تحملاً إذا ما تجلى الله إلى المكان _حيث لا مكان بعد _ الذي اتفقوا عليه بينهم وبينه سبحانه.
ولـمَّا كان هذا الحل سيسصعب على المعترضين الكافريين قليلاً؛ كان هناك حل أخير:
وأما الحل الاخير!
⇐ فهو أن يؤمنوا بالله وكتبه التي نزلها ورسله الذين أرسلهم.. ويحاولوا بكل جهد إعادة تقويم أنفسهم وإرجاعها إلى فطرة الله التي فطر الناس عليها.. إلى فطرة ربِّ السموات وربِّ الأرض وربِّ ما بينهما.. إلى فطرة من كرم الإنسان وفضله تفضيلاً ظاهراً.. ومن شدة ظهوره خَفِيّ .
وهذان حلان للمعترضين الكافرين! فإن لم يسطيعوا الحل الأول، وتصلبت أعناقهم وجئروا إلا الكفر بالحل الأخير ورفضوه؛ فما هم إلا في الحيوة الدنيا يقضونها ثم في الجحيم يقذفون إن لم يُعجل لهم العذاب في هذه الحيوة لظلمهم وفسادهم وإجرامهم.